أعود إليك بعدما اكتشفت أن الهروب كان إليك وليس منك. وأن الزمن كشف لي عن وجهه الآخر. وأن حساباتي التي اعتقدتها, كانت مجرد نقش عابر على سطح ماء. أعود اليك لأستعيد نفسي. فبعدك لم تعد الأشياء كما كانت, ولم أعد أعرف ذاتي. لحظة حمقاء أبعدتني عنك, فغادرت نفسي وانفصلت عن عقلي وخاصمت مشاعري, أدركت بعدها أنني أقدمت على قطيعة معها جميعا, وأصبحت في غربة. ولكنني في داخلي لم أغادرك.
كيف يمكن لي أن أغادر عالمي الذي أدخلني إلى فضاء السعادة واستعاد لي فرحي المفقود, وابتسامتي التائهة. وهل تستطيع البلابل أن تغادر تغريدها, والصباحات المبكرة أن تتنكر لبراءتها, وألحان الموسيقى أن تفارق أوتارها. أعود اليك لأضع النقطة الفاصلة بين مرحلة الضياع والعودة إلى الذات. أعود اليك وأشكك في كلمة العودة, لأن كلمة الفراق كانت رسومات هلامية, أما ما في داخل القلب فلم يتغير على الاطلاق.
أسوأ اللحظات هي التي تغيب فيها البصيرة, ويرحل عنها العقل. تصبح كلماتنا أعداءنا, وتصرفاتنا خطيئتنا. نتآمر ضد أنفسنا, ونتوهم الأشياء على غير واقعها. ولكن الحقائق لاتموت حتى وإن شوهتها, أو حجبتها الأوهام. أنت كنت ومازلت النور الذي قادني إلى فضاءات السعادة, وفيافي الفرح. أنت الرهان الوحيد في حياتي الذي لا يمكن أن أخسره, ويمكنني أن أراهن عليه للأبد, لأنه الاستثناء, خارج الحسابات التقليدية والقوالب المتشابهة.
أعرف أن مساحة التسامح عندك ممتدة بامتداد الفضاء, وأن القلب الحنون لايمكن أن يصيبه الجحود. وأنك فيض من الحنان, كلما جفت صحاري العالم وأصابها الجفاف, عاد حنانك ليغرقها في بحر من العطاء. أعود اليك بعدما ازددت نضجا. وعلمتني الحياة أبجديات تجاهلتها في زحمة الأيام. حينما تجد الحب الحقيقي تمسك به. فإن الزمن ليس دائما كريما, والحياة لا تجود دائما بالأنقياء.