بدأ ضاحكاً.. علي عكس ما توقعت!
رن هاتفي المحمول في التاسعة صباحاً.. وكنت بعيداً عنه.. وحين عدت إليه وجدته مكتوباً عليه أحمد عز حديد، هكذا سجلت اسم النائب ورجل الأعمال أحمد عز في تليفوني.
فقلت: بداية اليوم مش ولابد، خناقة علي الصبح، فقد كتبت في الأسبوع الماضي مقالاً بعنوان «ملك الحديد وتصريحات الصفيح».. وهات يا هجوم في المقال علي عنوان مكتوب في الجرائد يقول: إنه أحمد عز صرح في أثناء انعقاد لجنة الخطة والموازنة أن رواتب الموظفين جيدة جداً.. وبالطبع انطلقت فيما كتبته مهاجماً أحمد عز علي تصريحاته الغريبة والشاذة.
وهو الآن يطلبني.. وبما أنني لا أخشي المواجهة.. وعلي ثقة مما قلته.. فلم أتردد واتصلت به رداً علي مكالمته.. أهلاً يا باشمهندس.
وإذا به ضاحكاً.. يقول: علي فكرة عنوان المقال كان جميل وعجبني.. حلوه تصريحاته الصفيح دي.. فقلت له ألم تقل هذا.. أجابني بكل صراحة.. نعم وقلت ولكن قلت فقط إن المرتبات جيدة، ومضي أحمد عز يشرح كيف ولماذا قال.
قال: في لجنة الخطة والموازنة نحن نناقش أرقاماً ولا نقول تصريحات سياسية، بمعني أننا أمام أرقام صادرة عن الجهات المختصة.. ودورنا في اللجنة أن نناقش هذه الأرقام طبقاً لدور لجنة الخطة والموازنة.. والأرقام تقول: إن الموظف الذي هو يمثل 6 ملايين موظف في الدولة.. راتبه زاد في السنوات الأخيرة بالمقارنة بالسنوات السابقة.
وهنا قاطعته قائلاً: صحيح المرتب زاد لكنها زيادة لا تتناسب إطلاقاً مع الزيادة في المعيشة وأسعار كل شيء قد ارتفعت بنسبة أعلي بكثير من زيادة المرتب.
أجابني: هذا صحيح.. ولكنه أمر آخر سوف أحدثك عنه.. ولكن دعني أشرح لك طبيعة عمل لجنة الموازنة.. إنها تدرس الأرقام وتري وتدرس أحوال الموازنة العامة وما حدث في أمور الدولة من كل النواحي المالية.. والثابت أن الراتب زاد.. ولكن للأسف الهرم في بلدنا مقلوب.
وبدأ أحمد عز.. يشرح حكاية الهرم المقلوب.. فقال: لدينا 6 ملايين موظف المفروض أن القاعدة العريضة «بتاعتهم» تكون ممثلة في الشريحة الأقل، يمعني أن تكون نسبة الموظف «اللي» علي الدرجة السادسة أعلي بكثير من الموظف «اللي» علي الدرجة الرابعة أو الثالثة أو الثانية، ولكن الأرقام تقول إن نسبة موظفي الدرجة السادسة بالنسبة لعدد الموظفين هي 12% ونسبة موظفي الدرجة الثالثة 37%.. وهذا أمر معكوس.. ويؤدي في نهاية الأرقام إلي زيادة في الرواتب، لكنها بالنسبة لأصحاب الدرجات المتقدمة لا المتأخرة.
قلت وبانفعال هنا: ما هي الحكومة مابتعينش حد من سنين!
أجابني: صحيح وهذا خطأ.. وتبحثه الدولة وتحاول إصلاحه.. ولذا فأنا هنا اعترف لك أنني طبقاً للمنطق والحق. لا طبقاً للأرقام.. أقول إنني لست راضياً علي الإطلاق عن رواتب الموظفين وأنني أطالب بزيادتها.
قلت: وما الذي يمنع الزيادة؟!
قال: هذه أمور متشابكة.. وإذا سألت الحكومة عن زيادة ح تقولك منين هي عندنا إيرادات ومصروفات وطبقاً لمتطلبات الدولة بيتم التوازن بين الإيرادات والمصروفات.
وانطلق أحمد عز يحدثني عن هموم الدولة.. ومشاكل الميزانية.. وأن كعكة الموظفين توزع اليوم علي 6 ملايين، ولو زاد عدد الموظفين أكثر من هذا فإن الرواتب سوف تقل.. وإن الحكومة تسعي للموازنة بين الإيرادات والمصروفات بحيث يمكنها حل مشاكل المواطنين قدر ما تستطيع.. وطال الحديث والذي قد يحتاج إلي لقاء آخر مطول مع المهندس عز.
إنه رجل السياسة الشهير والذي تحاط به الشكوك في أشياء كثيرة.. وأحب أن أطرح عليه عشرات الأسئلة.. طالما هو يتحدث- كما يقول- بصراحة وبالتالي فمن حقي أن أتوجه إليه بالعديد من التساؤلات التي تدور في ذهني بل أذهان الملايين.
فمن حقي أنا أن أصرخ وأقول انقذوا الموظف.. فأنا مواطن عادي لا أملك من الأمر إلا الصراخ..
أما هو.. فهو.. من هو.. هو من رجال السياسة الكبار والمخططين لمستقبل الدولة من خلال دوره في مجلس الشعب أو في الحزب الوطني.
فحين يقول المسئول: إن رواتب الموظفين غير كافية وتحتاج إلي نظرة أخري.
فماذا نفعل.. هل يجوز للمسئول أن يشتكي مثلنا؟!
ربما يحتاج هذا الأمر إلي حوار طويل مع رجل السياسة والحديد أحمد عز.. وربما أجريه يوماً.. ما..
أما الآن..
فيكفي أنه وافق علي سوء حال الموظف.. وأقول لعم محمد وعم علي وعم بديع.. الحكومة عارفة إن ظروفكم صعبة..
عايزين إيه تاني؟!!
الثلاثاء 22 ديسمبر 2009, 2:56 pm